الكتاب في يومه العالمي يواجه تحديات التكنولوجيا
Fri, 22 April 2022
أكدت الدكتورة منى علي الساحلي، الأستاذ في قسم اللغة العربية بكلية العلوم الإنسانية بجامعة الامارات العربية المتحدة إن الإبداع طاقة كامنة في النّصوص المكتوبة، لا تتوهّج إلا بفعل القراءة، الذي يطلق الكلمات من عقالها؛ لتحلّق بالفكر في عوالم الكشف والمعرفة. والكتاب اليوم يواجه التّقدم التّكنولوجي لشبكات الاتّصال الدّولية عبر شاشاته المختلفة، فضلاً عن القنوات الفضائية ما جعل حضور الكتاب يقلّ في البيوت، ويكاد ينحصر استعماله والاهتمام به على فئات قليلة، لذلك حرصت اليونيسكو على تخصيص يوم 23 أبريل من كل عام كيومٍ عالمي للكتاب وحقوق المؤلّف بهدف إبراز القوة السحرية للكتب بوصفها حلقة وصل بين الماضي والمستقبل، وجسراً يربط بين الأجيال وعِبر الثقافات.
وقالت الدكتورة منى: "لئن كان الاهتمام بالكتاب، عنوانَ تقدّم الأمة الذي يقاس بمدى إقبالها عليه قراءةً وتأليفاً وسلوكاً، فإننا أمة شرّفها خالقها منذ عشرات السنين بكتاب مقدّس، وكان أوّل ما نزل منه عبارة "اقرأ"؛ لتجتمع في الكتاب والأمر بالقراءة مسؤوليةُ العلم والتعلّم معاً اكتساباً وعملاً وتبليغاً. بل إنّ القسم بأداته "والقلم" لينهض دليلاً على قداسته التي تنسحب على خطره وتأثيره، كما توحي بشرف مهنته، وما ينبغي أن يتوفر فيها من خلق وأمانة للكاتب وللقارئ على حدّ سواء. ولعل في البدء بالقراءة ثم ذكر القلم لاحقاً الإشارةَ إلى الانتقال في مراقي الحضارة من الذاكرة الشفوية إلى مرحلة التوثيق والتّدوين".
وأضافت: "ولقد حفل تراثنا العريق بالنّصوص التي تحث على الاطّلاع واكتساب العلم، والحثّ عليه، وتزيينه للناس، إذ طلب العلم فريضة على كل مسلم، كما يروى عن الرسول صلى الله عليه وسلّم. وبذلك اهتمّ أسلافنا- بناة الفكر والحضارة- بالكتاب، وقدّروه حقّ قدره، بوصفه وسيلة فعّالة لنّشر العلم، وأداة ضرورية للتنوير الفكري، وزخرت كتبهم بالاحتفاء به، والثّناء على رفقته، والتّرغيب في صحبته، فوصفوه بأنّه"يجلو العقل، ويشحذ الذهن، ويحيي القلب، ويقوي القريحة، ويستثير دفائن القلوب، ويمتع في الخلوة، ويؤنس في الوحشة..." وكما وازنوا بين صحبة الكتاب وبين صحبة بني الإنسان، فرجحت كفة الكتاب جليساً وصديقاً."
وأشارت الساحلي أنه ربّما يكون للكتاب الإلكتروني أثر إيجابي في تيسير نشر المعرفة بشكل أكثر جاذبية وأقلّ تكلفة ومشقة، غير أنّ هذا التيسير لا يخلو من تبعات ومخاطر لعلّ أسوأها يكمن في أمرين هامّين: الأوّل: الاستهانة بالتّوثيق- بقصد أم بغير قصد- ممّا يطعن في أمانة النّاقل، وينتهك حقوق البحث والباحث معاً، والثّاني: إهمال التأكّد من صحّة المعلومات، فتيسير النّشر أغرى من لم تكتمل عدّته العلمية والبحثية بسرعة الإنجاز، والانجراف وراء المحتوى الكمّي، ما جعل الوعي بأهمّية الفحص والنّقد والتّمييز ضرورة ملحّة تقترن بفعل القراءة والكتابة".
وأوضحت الدكتورة منى أن جامعة الإمارات العربية المتحدة، وانطلاقاً من هذا الوعي بأهمية الكتب وما يتعلّق به من نشاطات حيوية للنهوض بالمجتمع، حرصت على دعم جهود الدّولة الحثيثة داخل جامعة الوطن الأولى، بهدف مُسابقة الزّمن في مضمار التّقدّم والتحديث، فأقامت- مهرجانات للقراءة، ومسابقات وحوافز للكتب والتأليف في شتّى مجالات الإبداع العلمي والأدبي، وتخصيص شهر للقراءة للتّشجيع على القراءة لتصير فعل انضباط ومواظبة.
واختتمت الدكتورة منى بالقول: "نأمل ونجتهد لنألف مرأى الكتاب في المحالّ العامة والمقاهي والمتنزهات، وأن نجعل رؤية من يحمل كتاباً، ومن يطالعه في كافة أماكننا العامّة من حدائق، أو مقاهٍ، أو صالات الانتظار المختلفة سواء في صالونات التّجميل، أم في العيادات والمستشفيات والمطارات، أم في الدّوائر الحكوميّة مشهداً مألوفاً بين النّاس. إنّنا بهذه الطّريقة نستطيع فعلاً الارتقاء بالأخلاق والأذواق، وبهذه السّياسة- سياسة القراءة- نضمن دوام الاستقرار والحفاظ على قيمنا الإنسانية الأصيلة النّبيلة، البعيدة عن الجهل والانحراف والتّطرّف في كل أشكاله ومظاهره".
هل تجد هذا المحتوى مفيد ؟
Sorry
There is no English content for this page
Sorry
There is a problem in the page you are trying to access.